لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
شرح لمعة الاعتقاد
194378 مشاهدة
وجوب اتباع طريق السلف في إثبات الصفات وعدم الابتداع والتأويل

قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه: آمنت بالله وبما جاء عن الله ، على مراد الله ، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله.
وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله.
وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم والاهتداء بمنارهم وحذرنا المحدثات.
وأخبرنا أنها من الضلالات فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة .
وقال: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كلاما معناه قف حيث وقف القوم فإنهم عن علم وقفوا وببصر نافذ كفوا ولهم على كشفها كانوا أقوى وبالفضل لو كان فيها أحرى.
فلئن قلتم حدث بعدهم فما أحدثه إلا من خالف هديهم ورغب عن سنتهم ولقد وصفوا منه ما يشفي وتكلموا منه بما يكفي فما فوقهم محسر وما دونهم مقصر لقد قصر عنهم قوم فجفوا وتجاوزهم آخرون فغلوا وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم.
وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي رضي الله عنه: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول. وقال محمد بن عبد الرحمن الأدرمي لرجل تكلم ببدعة ودعا الناس إليها: هل علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي أو لم يعلموها.
قال: لم يعلموها قال فشيء لم يعلمه هؤلاء علمته قال الرجل: فإني أقول قد علموها قال أفوسعهم أن لا يتكلموا بها ولا يدعو الناس إليها أم لم يسعهم قال: بلى وسعهم قال: فشيء وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه لا يسعك أنت فانقطع الرجل فقال الخليفة -وكان حاضرا- لا وسع الله على من لم يسعه ما وسعهم.
وهكذا من لم يسعه ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان والأئمة من بعدهم والراسخين في العلم من تلاوة آيات الصفات وقراءة أخبارها وإمرارها كما جاءت فلا وسع الله عليه.
فمما جاء من آيات الصفات قول الله تعالى وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وقوله سبحانه بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ وقوله تعالى إخبارا عن عيسى عليه السلام أنه قال تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ وقوله سبحانه: وَجَاءَ رَبُّكَ وقوله هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ .
وقوله تعالى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وقوله تعالى: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ وقوله في الكفار غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وقوله تعالى اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وقوله تعالى كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ من السنة قوله صلى الله عليه وسلم.


السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه؛ أقوال هؤلاء الأئمة قدوة وذلك لأنهم تعلموا على الصحابة رضي الله عنهم ولأنهم فهموا كلام الله تعالى فهم أولى بفهمه لأن القرآن نزل بلغتهم أو أدركوا أهل اللغة وعرفوا ما يتكلمون به وعرفوا معاني القرآن.

وكذلك أيضا لا شك أنهم تكلموا بما سمعوا وهم من قبلهم فإنهم تلامذة الصحابة أو تلامذة تلامذتهم فهم أولى بأن تكون أقوالهم دليلا وأيضا فإنهم لم يقولوا إلا بما يتضمنه كلام الله تعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم.
فإن الإمام أحمد رحمه الله ما تكلم بذلك الكلام الذي يتعلق بالصفات إلا بعد ما أخذ معنى كلامه هذا عن مشائخه، ومشائخه تلامذة الصحابة أو تلامذة تلامذتهم، فإنه اعترف بأن الله تعالى وصف نفسه بصفات في القرآن ووصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم، الله تعالى أعلم بنفسه من هؤلاء المبتدعة، والنبي صلى الله عليه وسلم أعلم بربه من هؤلاء المبتدعة.
المبتدعة الجهمية والمعتزلة والأشعرية والكرامية والكلابية وما أشبههم، إنما يقولون بما تخوله لهم عقولهم، ليسوا عن علم، وليسوا عن دليل فلأجل ذلك نصف الله تعالى بما وصف به نفسه ولا نرد على النبي صلى الله عليه وسلم ما جاء عنه ونعتقد أن الله تعالى لا يبلغه وصف الواصفين.
ولو وصفوه فإنهم لا يدركوا كنه صفاته، ولا يصلوا إلى حقيقة ذاته لا يبلغ الواصفين وصفه، وأن صفاته تؤخذ من القرآن كله فنؤمن به محكمه ومتشابهه، ولا نترك شيئا من الصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه كالسمع والبصر والعلم والقدرة ونحوها من الصفات، ولو أنكر ذلك علينا من أنكره.
لو أنكره من أنكره من هؤلاء المبتدعة ولو شنعوا علينا فلا نتعدى كلام الله تعالى ولا نتعدى كلام النبي صلى الله عليه وسلم ونعلم أن الصفات حقيقية إلا أنا لا نصل إلى كنهها وإلى كيفيتها وإنما نتبع ولا نبتدع.
فهذا الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله من قد أدرك يعني أدرك التابعين وأخذ عن بعضهم؛ فلذلك يكون تلميذا لتلامذة الصحابة روى كثيرا عن الإمام مالك توفي رضي الله عنه سنة مائتين وأربع.
ولا شك أنه أخذ عن بعض التابعين وجملة روايته عن تابع التابعين، كلامه هذا يقوله كثيرا من الأئمة، فيقول رضي الله عنه: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله.
ما جاء عن الله تعالى: هو ما في القرآن جاء عن الله تعالى فمن ذلك ما جاء عنه في القرآن من الصفات، وما جاء عن نبيه صلى الله عليه وسلم من الصفات من صفات الله تعالى، نؤمن بما جاء عن الله وعن رسوله على مراد النبي صلى الله عليه وسلم وعلى مراد الله تعالى.